عبد الله البردونىنبذة عن الشاعر**********
شاعر ثوري عنيف في ثورته، جريء في مواجهته، يمثل الخصائص التي امتاز بها شعر اليمن المعاصر ،، والمحافظ في الوقت نفسه على كيان القصيدة العربية كما أبدعتها عبقرية السلف، وكانت تجربته الإبداعية أكبر من كل الصيغ والأشكال ...
ولد عام 1348هـ 1929 م في قرية البردون (اليمن).....أصيب بالعمى في السادسة من عمره بسبب الجدري ، درس في مدارس ذمار لمدة عشر سنوات ثم انتقل إلى صنعاء حيث أكمل دراسته في دار العلوم وتخرج فيها عام 1953م....ثم عُين أستاذا للآداب العربية في المدرسة ذاتها ... وعمل مسؤولاً عن البرامج في الإذاعة اليمنية...أدخل السجن في عهد الإمام أحمد حميد الدين وصور ذلك في قصائده فكانوا أربعة في واحد حسب تعبيره ، العمى والقيد والجرح ,,.....شاعر اليمن وشاعر .. منتم الى كوكبة من الشعراء الذين مثلت رؤاهم الجمالية حبل خلاص لا لشعوبهم فقط بل لأمتهم أيضا‚ عاش حياته مناضلا ضد الرجعية والدكتاتورية وكافة اشكال القهر ببصيرة الثوري الذي يريد وطنه والعالم كما ينبغي ان يكونا‚ وبدأب المثقف الجذري الذي ربط مصيره الشخصي بمستقبل الوطن‚ فأحب وطنه بطريقته الخاصة‚ رافضا أن يعلمه أحد كيف يحب‚ لم يكن يرى الوجوه فلا يعرف إذا غضب منه الغاضبون‚ لذلك كانوا يتميزون في حضرته غيظا وهو يرشقهم بعباراته الساخرة‚ لسان حاله يقول: كيف لأحد أن يفهم حبا من نوع خاص حب من لم ير لمن لا يرى ..
هو شاعر حديث سرعان ما تخلص من أصوات الآخرين وصفا صوته عذبا‚ شعره فيه تجديد وتجاوز للتقليد في لغته وبنيته وموضوعاته حتى قيل‚ هناك شعر تقليدي وشعر حديث وهناك شعر البردوني‚ أحب الناس وخص بحبه أهل اليمن‚ وهو صاحب نظرة صوفية في حبهم ومعاشرتهم إذ يحرص على لقائهم بشوشا طاويا ما في قلبه من ألم ومعاناة ويذهب الى عزلته ذاهلا مذعورا قلقا من كل شيء ....تناسى الشاعر نفسه وهمومه وحمل هموم الناس دخل البردوني بفكره المستقل الى الساحة السياسية اليمنية‚ وهو المسجون في بداياته بسبب شعره والمُبعد عن منصب مدير إذاعة صنعاء‚ والمجاهر بآرائه عارفا ما ستسبب له من متاعب ...في عام 1982 أصدرت الأمم المتحدة عملة فضية عليها صورته كمعاق تجاوز العجز‚ ترك البردوني دراسات كثيرة‚ وأعمالا لم تنشر بعد أهمها السيرة الذاتية..‚
له عشرة دواوين شعرية، وست دراسات. . صدرت دراسته الأولى عام 1972م "رحلة في الشعر قديمه وحديثه" .
أما دواوينه فهي على التوالي: ******************
من أرض بلقيس 1961 -
في طريق الفجر 1967 -
مدينة الغد 1970
لعيني أم بلقيس 1973
السفر إلى الأيام الخضر 1974
وجوه دخانية في مرايا الليل 1977 -
زمان بلا نوعية 1979
ترجمة رملية لأعراس الغبار 1983
كائنات الشوق الاخر 1986 -
رواغ المصابيح 1989
وفاته:****
في الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين 30 أغسطس 1999م وفي آخر سفرات الشاعر الى الأردن للعلاج توقف قلبه عن الخفقان بعد ان خلد اسمه كواحد من شعراء العربية في القرن العشرين ..
المصدر ( الموسوعة العالمية للشعر العربى)مقتطفات من أعماله**************
قصيدة عتابلماذا لي الجوع و القصف لك ؟ يناشدني الجوع أن أسألك
و أغرس حقلي فتجنيه أنـ ت ؛ و تسكر من عرقي منجلك
لماذا ؟ و في قبضتيك الكنوز ؛ تمدّ إلى لقمتي أنملك
و تقتات جوعي و تدعى النزيه ؛ و هل أصبح اللّصّ يوما ملك ؟
لماذا تسود على شقوتي ؟ أجب عن سؤالي و إن أخجلك
و لو لم تجب فسكوت الجوا ب ضجيج ... يردّد ما أنذلك !
لماذا تدوس حشاي الجريح ؛ و فيه الحنان الذي دلّلك
و دمعي ؛ و دمعي سقاك الرحيق أتذكر " يا نذل " كم أثملك !
فما كان أجهلني بالمصير و أنت لك الويل ما أجهلك !
غدا سوف تعرفني من أنا و يسلبك النبل من نبّلك
ففي أضلعي . في دمي غضّبة إذا عصفت أطفأت مشعلك
غدا سوف تلعنك الذكريات و يلعن ماضيك مستقبلك
و يرتدّ آخرك المستكين بآثامه يزدري أوّلك
و يستفسر الإثم : أين الأثيم ؟ و كيف انتهى ؟ أيّ درب سلك ؟
غدا لا تقل تبت : لا تعتذر تحسّر هنا مأملك
و لا : لا تقل : أين منّي غد ؟ فلا لم تسمّر يداك الفلك
غدا لن أصفّق لركب الظلام سأهتف : يا فجر : ما أجملك !
من قصيدة فلسفة الفنيا رفيقي في طريق العمر في ركب الحياة
أنت في روحيّتي رو ح و ذات ملء ذاتي
جمعتنا وحدة العيش و توحيد الممات
عمرنا يمضي و عمر من وراء الموت آتي
نحن فكران تلاقينا على رغم الشتات
نحن في فلسفة الفنّ كنجوى في صلاة
أنا كأس من غنى الشو ق و دمع الذكريات
فاشرب اللّحن ودع في ال كأس دمع الموجعات
هكذا تصبو كما شا ءت و تبكي أغنياتي
يا رفيقي هات أذنيك و خذ أشهى رنيني
من شفاه الفجر أسقيـ ك و خمر الياسمين
من معين الفنّ أرويـ ك و لم ينضب معيني
لك من أنّاتي اللّحن و لي وحدي أنيني
و لك التغريد من فنّي و لي جوع حنيني
هل أنا في عزلة الشعر كأشواق السجين
حيث ألقاك هنا في خا طر الصمت الحزين
في أغاني الشوق في الذكرى و في الحبذ الدفين
في الخيالات و في شكوى الحنين المستكين
من قصيدة فلسفة الجراحمتألّم . ممّا أنا متألّم ؟ حار السؤال . و أطرق المستفهم
ماذا أحسّ . و آه حزني بعضة يشكو فأعرفه و بعض مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي و بي من حرقة الأعماق ما لا أعلم
بي من جراح الروح ما أدري و بي أضعاف ما أدري و ما أتوهّم
و كأنّ روحي شعلة مجنونة تطغى فتضرمني بما تتضرّم
و كأنّ قلبي في الضلوع جنازة أمشي بها وحدي و كلّي مأتم
أبكي فتبتسم الجراح من البكا فكأنّها في كلّ جارحة فم
يا لابتسام الجرح كم أبكي و كم ينساب فوق شفاهه الحمرا دم
أبدا أسير على الجراح و أنتهي حيث ابتدأت فأين منّي المختم
و أعارك الدنيا و أهوى صفوها لكن كما يهوى الكلام الأبكم
من قصيدة عندما ضمنا لقاءكيف أنسى منك الحوار البديعا و اللّقا الغضّ و الجمال الرفيعا
كيف أنسى و لا نسيت و عندي ذكريات حرّى تذيب الضلوعا
كيف أنسى و لست أنسى لقاء ضمّ قلبا صبّا و قلبا صديعا
ووصالا كانت تفيض معاني علينا سكينة و خشوعا
عندما ضمّنا اللّقا في ذراعيـ ه نسينا ما في الوجود جميعا
و صبونا و عانق الحبّ حبّا مثلما عانق الصباح الربيعا
وامتزجنا و الحبّ يضفي علينا صبوات مرحى و جوّا وديعا
**************
منقول من مدونة سلماً للسماء