محمد سلماوي هلّت علينا خلال الـ48 ساعة الأخيرة بشائر مخطط توافقى ديمقراطى جديد يحاك لهذا البلد، وذلك بإعلان منصور حسن فى اللحظة الأخيرة ترشحه للرئاسة بعد أن توفرت لديه كل مقومات النجاح.. وأول هذه المقومات هو دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى توطدت علاقة منصور به منذ توليه رئاسة المجلس الاستشارى وما تلاه من فيض تصريحات جاءت كلها مدافعة عن المجلس العسكرى فى وقت كانت تتعالى فيه صيحات الجماهير فى الشوارع والميادين منادية: «يسقط يسقط حكم العسكر!»، لذلك ارتاح المجلس العسكرى لمنصور حسن بعد أن اختبره عملياً فى المجلس الاستشارى فوجد فيه ضالته التى لم يجدها فى أى من المرشحين الآخرين، وقد نشرت «المصرى اليوم» أمس، أن منصور حسن اجتمع بالمجلس العسكرى قبل أن يعلن عن ترشحه. أما ثانى مقومات النجاح التى ضمنها منصور حسن فهو قراره باختيار نائب للرئيس هو ضابط المخابرات المعروف سامح سيف اليزل، ليس تطبيقاً لتصريح الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر حين زار مصر أخيراً، حيث سأله الصحفيون إن كان يعتقد أن العسكر سيرحلون بالفعل فى نهاية يونيو المقبل فقال: لن يرحلوا «بالكامل».
أقول إن منصور حسن فى اختياره للنائب لم يكن يسعى لتفسير مقولة «كارتر» التى لم يفهمها أحد فى حينها، وإنما كان ينفذ مخططاً توافقياً ديمقراطياً اتفق عليه مع المجلس العسكرى الذى اجتمع بقيادته قبل إعلان ترشحه. لكن المخطط الديمقراطى الذى هلت بشائره أمس لم يكن ليتحقق بمجرد التوافق بين المرشح والمجلس العسكرى، لذلك مورست ضغوط هائلة على أكبر الأحزاب الليبرالية وهو حزب الوفد ليدعم هذا الترشح قبيل ساعات من الاجتماع الطارئ لهيئته العليا، والذى كان مخصصاً لإعلان دعم الحزب للسيد عمرو موسى لذلك تم الإسراع بإعلان ترشح منصور حسن قبل الاجتماع بساعات، ليس من خلال مؤتمر صحفى عالمى يليق بالخبر، وإنما من خلال تسريب الخبر لأحد المواقع الإلكترونية، وقد وضعت هذه الضغوط ـ التى كانت فى معظمها عسكرية ـ الحزب فى حرج شديد بعد أن كانت هيئته التنفيذية قد أعلنت قبل اجتماع الهيئة العليا بأيام معدودة أنها اختارت عمرو موسى بالإجماع، لكن بشائر المخطط التوافقى الديمقراطى لاحت أيضاً فى أداء الحزب الذى كنا نعتز به فرضخ للضغوط، وبدل موقفه معلناً دعم هيئته العليا للمرشح المطلوب.
من ناحية أخرى جرت مشاورات مع قيادات الإخوان المسلمين لإعلان دعمهم المرشح المطلوب وافق فيها حزب الحرية والعدالة على المرشح الذى يختاره المجلس العسكرى، لكنه طلب ألا يكون أول جهة تعلن تأييدها له حتى لا تتضح معالم المخطط التوافقى الديمقراطى، وإنما أن تعلن جهات أخرى تأييدها له أولاً ثم يأتى تأييد الإخوان بعد ذلك، وكانت الجهة الأولى المرشحة فى ذلك هى حزب الوفد وبسرعة قبل أن يعلن الحزب رسمياً عن تأييده المرتقب لعمرو موسى.
وفى الأيام المقبلة سنشهد تأييداً للمرشح الذى ارتاح إليه المجلس العسكرى من عدة جهات تمارس عليها الآن الضغوط، ثم سيأتى بعد ذلك دعم الإخوان، فيكون المجلس العسكرى قد نجح فى فرض مرشحه التوافقى، ومن ثم فى إحكام قبضة الديمقراطية على البلاد.
يبقى بعد ذلك عنصر آخر كان يجب أن يكون هو الحاسم فى كل ذلك وهو الشعب، لكنى بحثت عنه فى المخطط الديمقراطى الذى هلت بشائره فى اليومين الأخيرين فلم أجده، فإذا أردت أن تعرف أين هو فانظر إلى استطلاعات الرأى لتعرف من الذى سيصوت له الشعب.
msalmawy@gmail.com