قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) _____________________________________
[ معنى الآيات ]
مازال السياق في تفصيل قصص موسى مع فرعون فبعد أن تقدم موسى بما طلب فرعون منه من الآية فأراه آية العصا ، و اليد ، و شاهد الملأ من قوم فرعون الآيتين العظيمتين قالوا
{إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ}
و ذلك لما بهرتهم الآيتان تحول العصا إلى حية عظيمة و اليد البيضاء من غير سوء كالبرص بل بياضها عجب حتى لكأنها فلقة قمر أي قطعة منه ، و اتهموا موسى فورا بالسياسة و أنه يريد إخراجكم من بلادكم ليستولي عليها هو و قومه من بني إسرائيل ، و هنا تكلم فرعون و قال :
{فَمَاذَا تّأْمُرُون}
أي بم تشيرون عليّ أيها الملأ و الحال كما ذكرتم ؟ فأجابوا قائلين
{أَرْجِهْ وَ أَخَاه}
أي أوقفهما عندك
{و أَرْسِلْ فِي المَدَائِنِ حَاشِرِين}
أي رجالا من الشرط يحشرون أي يجمعون أهل الفن من السحرة من كافة أنحاء الإيالة أي الإقليم المصري ، و أجر معه مناظرة فإذا انهزم انتهى أمره و أمِنّا من خطره على بلادنا و أوضاعنا . هذا ما دلت عليه الآيات الأربع في هذا السياق.
[ هداية الآيات ]
أولاً: جهل الملأ بالآيات أدى بهم إلى أن قالوا إن موسى ساحر عليم .
ثانياً: مكر الملأ و خبثهم إذ اتهموا موسى سياسياً بأنه يريد الملك و هو كذب بحت و إنما يريد إخراج بني إسرائيل من مصر حيث طال استعبادهم و امتهانهم من قبل الأقباط و هم أبناء الأنبياء و أحفاد إسرائيل و إسحاق و إبراهيم عليهم السلام .
ثالثاً: فضيحة فرعون حيث نسي دعواه للربوبية ، فاستشار الملأ في شأنه، إذ الرب الحق لا يستشير عباده فيما يريد فعله لأنه لا يجهل ما يحدث مستقبلاً.
رابعاً: السحر صناعة من الصناعات يتعلم و يبرع فيها المرء ، و يتقدم حتى يتفوق على غيره .
خامساً: حرمة السحر و حرمة تعلمه ، و وجوب إقامة الحد على من ظهر عليه و عرف به.