تُمعن الآلة العسكرية والأمنية للسلطة الأسدية في التنكيل بشعب سوريا من دون ضوابط ولا موانع، لا إنسانية ولا أخلاقية ولا غير ذلك, معتمدة سياسة الأرض المحروقة، لمحاولة وأد الثورة العارمة والشاملة المندلعة ضدّها في طول البلاد وعرضها.
وكلما زادت تلك الوتيرة الإلغائية الإجرامية، ازدادت أعداد العوائل السورية المنكوبة في أولادها وأرزاقها، والتي فضّلت وتفضّل الاحتفاظ بعزّتها وكرامتها وشرفها ونخوتها، على الخضوع للذلّ والإجرام من قِبَل نظام مستعد لأن يفعل أي شيء من أجل أن يبقى.
المئات من تلك العائلات الكريمة حطّت رحالها أمس في منطقتَي البقاع والشمال، بين أهل وجيران وأحبّة، لتنضمّ إلى مئات غيرها سبقتها في هذه المسيرة.
الأعراف الإنسانية، وروابط الدم والحسب والنسب، تفرض تأمين كل مستلزمات الأمن والأمان والغذاء والطبابة لهؤلاء النازحين، وتفرض قبل ذلك، على السلطة اللبنانية بكل أجهزتها، التعامل معهم بما يليق بها وببلدنا، وبما يتناسب ويتناسق مع التزام لبنان المعاهدات والاتفاقات والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية.
وهنا تماماً، لا تنفع قصّة "النأي بالنفس"، ولا مبرّر لأي تقصير، مهما صَالَ وجَالَ سفير النظام الأسدي في بيروت، ومهما ارتفعت عقيرة أزلام ذلك النظام عندنا، بالكلام الذي لا يشرّف أحداً في كل حال.