كتبه للمفكرة/ شريف عبد العزيزالخبر: حقق اليمين الفرنسي المتطرف بقيادة ماري لوبن المركز الثالث في الانتخابات الفرنسية بنسبة 20% وهي أعلى نسبة يحققها اليمين المتطرف في فرنسا.
التعليقمن دفتر أحوال تطهير أوروبا من المسلمينعندما سقطت غرناطة آخر معاقل المسلمين في الأندلس سنة 897 هـ بيد إسبانيا، أصدر ملكَا إسبانيا فرناندو وإيزابيلا منشورًا يتعهدان فيه بحسن معاملة المسلمين وتأمين أملاكهم وحريتهم الدينية والاقتصادية، وذلك ليس من باب العدالة الاجتماعية أو حب المسلمين، ولكن من باب حاجة إسبانيا لخبرات وجهود ومهارات مسلمي الأندلس الذين كانوا يفوقون الإسبان همة ونشاطًا ومهارة وخبرة بأرض الأندلس، واستمر وضع المسلمين مقبولاً عدة سنين حتى استفاد الإسبان من خبرات المسلمين ونقلوا علومهم ومعارفهم وحضارتهم إليهم، وعندها بدأت خطوات تطهير إسبانيا من الوجود الإسلامي في واحدة من أبشع وأخس وأفظع عمليات التطهير العرقي على مر التاريخ البشري بأسره، بداية من محاولة تذويب المسلمين في المجتمع الإسباني بطمس هويتهم، فصدرت مناشير متتالية بمنع التحدث بالعربية أو اقتناء كتب عربية، ومنع ارتداء الملابس العربية أو دخول الحمامات للاغتسال أو الوضوء، ومنع الاحتفال بالمناسبات الدينية كالأعياد وغيرها، وذلك لإجبار مسلمي الأندلس على نسيان دينهم ودخول النصرانية، وذلك وفق خطوات مدروسة بدأت بالترغيب ثم التهديد، وانتهاءً بالمجازر والمذابح المروعة التي راح ضحيتها 5 مليون مسلم، ثم الترحيل القسري إلى بلاد المغرب، وكان ذلك كله بإيعاز وتوجيه وإشراف وتنفيذ الكنيسة الإسبانية وزعيمها الكاردينال المهووس "خمينيس".
ومرت القرون، والعقلية كما هي لم تتغير
فقد ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أنه في عام 2004 قال الكاردينال راتزينجر الذي أصبح بعد ذلك بينيديكتوس السادس عشر: إنه يرفض مسألة انضمام بلد مسلم للاتحاد الأوروبي لأن ذلك سيضعف الأسس "المسيحية" لأوروبا وذلك على الرغم من الموقف المحايد للفاتيكان بشأن هذه القضية آنذاك، فراتزينجر كان يرى أن "انضمام تركيا المسلمة إلى الاتحاد الأوروبي سيضعف الجذور التاريخية لأوروبا "المسيحية"".
هذا هو لب العقلية الأوروبية التي لم تغيرها الثورات الصناعية والمناهج العلمانية والدساتير المتظاهرة بالحرية في المعتقد والدين، فأوروبا لم ولن تتخلى عن إرثها التاريخي في عداء الإسلام والعالم الإسلامي، فمعظم دول الاتحاد الأوروبي مازالت تفتقر إلى الإطار التشريعي الواضح الذي يمنح المسلمين حقهم في الممارسة الدينية، وذلك دون أن يتقاطع مع التماسك الاجتماعي للبيئة الأوروبية التي تتجذر فيها عداوة المسلمين.
المجتمعات الأوروبية ما زالت تواصل حملتها الشرسة ضد الوجود الإسلامي بها، وذلك عبر العديد من الآليات المختلفة، من قوانين تعسفية وممارسات سياسية وأحزاب عنصرية وقومية وصحف ومطبوعات تحريضية، هذه الآليات كلها تتناغم فيما بينها من أجل الوصول لنتيجة نهائية وهي أوروبا خالية من المسلمين، وذلك بإحدى طريقين؛ إما بتذويب الهوية الدينية والقومية للمسلمين، وإما بطرد المسلمين تمامًا من أوروبا، تمامًا مثلما فعل الإسبان مع مسلمي الأندلس منذ عدة قرون.
هذه النظرة المتوجسة والعدائية للإسلام تمثلت فكريًّا في مئات الكتب والمؤتمرات التي تحرض كلها على الوجود الإسلامي في أوروبا، ومن أبرز هذه الكتب كتاب الدنمركي فليمنج روز "طغيان الصمت"، وكتاب ثيلو سارازين "ألمانيا تزيل نفسها"، حيث يحذر الكتابان من أن الإسلام يمثل خطرًا وطنيًّا على أوروبا، أيضًا تمثلت هذه النظرة السوداوية من المسلمين إجرائيًّا وإداريًّا في كثير من الممارسات القانونية والتحفظية ضد المسلمين بلا سبب معقول، ففي بريطانيا دافع رئيس الوزراء البريطاني بلير عن الإجراءات العنيفة التي اتُخذت ضد المسلمين حول العالم في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، واعتبرها ضرورية للحفاظ على أمن بريطانيا، مؤكدًا أنه من السذاجة أن يُظن أن الحرب على الأصولية الإسلامية قد انتهت، كما أكد أن الحرب الغربية على المسلمين لم تنجح بعد في استئصال الأصولية الإسلامية، وأشار إلي أنها لا تنتهي إلا بالقدرة على هزيمة الأيديولوجية الإسلامية الأصولية التي قد تحتاج لأجيال، وكذلك أن تكون من خلال الانفتاح والحرية والديمقراطية وحكم القانون، ومؤخرًا اعتقل في برمنجهام وسط بريطانيا ستة ناشطين إسلاميين، ووجهت إليهم التهمة رسميًّا بالتحضير لأعمال إرهابية، وهذه الإجراءات التعسفية كشفت مدى التزام بريطانيا بالقانون! ما جعل لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تبدي قلقها حيال خطط الحكومة البريطانية تمديد فترة احتجاز المسلمين المشتبهين بالإرهاب لدى الشرطة دون تهم لفترات طويلة. أما في ألمانيا فقد وصل الأمر لدرجة مداومة الاستخبارات الداخلية والأجهزة الشرطية المختلفة على مراقبة المسلمين ومنظماتهم منذ فترة طويلة سبقت حتى أحداث 11 سبتمبر، وتكثيف الدوائر الأمنية لهذه الرقابة بشكل غير مسبوق في العامين الأخيرين، ودأبها على القيام بحملات دهم وتفتيش مفاجئة وغير مبررة للمساجد ومقار الهيئات والمراكز الإسلامية ومنازل المسلمين. أما في إيطاليا فهناك الكثير من حالات التعدي على المسلمين في إيطاليا، منها قيام بعض الولايات الإيطالية بفرض غرامات تصل قيمتها لـ 500 يورو على النساء المنقبات، ومثل العديد من الدول الأوربية تحظر إيطاليا على المسلمات ارتداء النقاب في الأماكن العامة. وفي هولندا يتعرض المسلمون باستمرار لعشرات الانتهاكات مثل: التخويف والمشاجرات والتخريب، وكتابة الشتائم على الجُدران، وتدنيس القبور الإسلامية والأمور تتطور باستمرار".
أما في إسبانيا فقد كشفت آخر استطلاعات الرأي الذي أجراه معهد "ريال إلكانو" المتخصص في الأبحاث والدراسات السياسية والاجتماعية في إسبانيا عن تزايد النظرة السلبية لدى الإسبان عن العالم الإسلامي، خاصة المغرب العربي الذي اعتبر 35% ممن شملتهم الدراسة أنها بلد عدو! ، مع أن إسبانيا تعد من أكثر الدول الأوربية تمييزًا ضد المسلمين، حيث تشير التقارير إلى دأب الولايات الإسبانية بإغلاق كبرى المساجد بعد ملاحظة زيادة عدد المصلين بها!، حيث أصدر رئيس بلدة "لايدة" الواقعة شمال شرق منطقة كتالونيا الإسبانية بإغلاق أكبر مساجد بلديته من حيث عدد المصلين بعد تجاوز عدد المصلين به الألف نسمة، وصرح رئيس البلدية بأن بلديته غير مسئولة عن توفير أية دور عبادة، مطالبًا المسلمين بالصلاة في بيوتهم، يضاف إلى ذلك أن بلدية "لايدة" هي الأولى بإسبانيا التي تفرض حظرًا على دخول المنتقبات إلى مبنى البلدية.
أما في فرنسا التي تعتبر التجسيد الكامل تاريخيًّا وعصريًّا لعداوة الإسلام والمسلمين، ففرنسا لم تنس أبدًا أنها كانت زعيمة الأوروبيين في الحملات الصليبية ضد العالم الإسلامي في القرون الوسطى، ولم تنس أنها كانت أكثر الدول الأوروبية احتلالاً لبلاد المسلمين في أعقاب الثورة الصناعية، ولم تنس أنها سفكت دماء الملايين من المسلمين في الجزائر والمغرب وتونس والسنغال والحوض الغربي لإفريقيا، ومازالت جرائم العسكرية الفرنسية تاريخًا مجيدًا يدرس للطلبة في المدارس والجامعات، ففرنسا هي الدولة الأوروبية الأكثر اضطهادًا للمسلمين، بإجراءات قمعية وقوانين تعسفية تتصادم مع أبسط معاني الحرية في بلد تتدعي أنها منارة الحرية في العالم، وممارسات شعبية توصف بالتطرف والعنصرية القبيحة، فليس مستغربًا أبدًا فوز اليمين المتطرف المعادي للوجود الإسلامي في فرنسا بهذه النسبة الكبيرة من إجمالي الناخبين، بحيث أصبح هذا التيار هو الحصان الأسود الذي يسعى الساسة هناك لكسب وده لضمان أصوات أتباعه.
إن أمثال هذه المؤشرات تعطي دلالات قوية على تزايد عدد كارهي الإسلام والمسلمين في أوروبا، وتعاظم شريحتهم واتساع قاعدتهم، بحيث أصبح يحسب حسابهم، وهذا يفرض على مسلمي أوروبا التوحد خلف مطالب واحدة ونبذ الفرقة والتشرذم الحادث بينهم بسبب اختلاف القوميات والبلدان الذين ينتمون إليها، وتنسيق الجهود وعقد المؤتمرات ومد الجسور مع الأوروبيين، وفتح قنوات اتصال دائمة تضغط باتجاه تفعيل الاتفاقيات الدولية والأعراف الدستورية التي تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة وأهمها حرية الاعتقاد، فأوروبا على اختلاف قومياتها وعرقياتها وبلدانها وألسنتها قد اتفقت على عداوة الإسلام وضرورة تطهير القارة من المسلمين إما تذويبًا، وإما ترحيلاً وطردًا.
http://www.islammemo.cc/Al-Mesbar/2012/04/23/148551.html__._,_.___