لم تقتنع بقضية التثليث، وبدا عليها التمرد منذ الصغر، وتساءل الكاهن عن سر عدم صلاتها مثل باقي المسيحيين، وكانت ترى المسيحيين وهم يصيحون وتنهيداتهم كانت تملأ المكان، لكن هذا لم يؤثر فيها، وتحولت إلى داعية للإسلام وداعية حصينة استطاعت بأسلوبها وبعقليتها الراجحة أن تحول الكثير من نساء الجاليات بصفة عامة في قطر إلى الإسلام. وحولت مركز قطر للتعريف بالإسلام من مجرد مكان لتعارف المسلمات الجديدات بعضهن على بعض إلى خلية نحل، حتى كان يدخل الإسلام عن طريقها في الشهر الواحد أعداد ربما تفوق 20 امرأة.
وحول طفولتها، قالت جنيفر هواير: "كطفلة كانت فكرة التثليث راسخة في رأسي، وكانت حكايات قصص الإنجيل التي كنت أتلقاها بمدارس الأحد عن الرجال الذين يصرخون في جهنم بسبب الحريق تقفز إلى ذاكرتي، ذلك أنهم أفهموني أنني إذا لم أؤمن بالمسيح ربًّا -عليه السلام وتعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا- فإنني سأصلى نارًا أكون خالدة فيها".
وتابعت في حوارها مع صحيفة (الراية): "كانت تحركني أطياف الخوف حيثما كان مدرِّس الصف يوضح للطلاب هذه الصورة المخيفة، فلم يكن أحد من التلاميذ طفلاً ولا مراهقًا -وأنا منهم- يحبُّ أن يدخل النار..، لكني من داخلي لم أقتنع أبدًا بقضية التثليث، ولا أن سيدنا عيسي عليه السلام إله".
وأوضحت هواير: "لكنني كنت مضطربة أن يتلجلج في صدري هذا الأمر، حتى كان يومٌ سألت فيه الكاهن الذي نتعامل معه: لماذا لا أستطيع أن أصلي للمسيح مثل كل الناس؟ أجابني أن كثيرًا من الناس يشعرون بما تشعرين به، لكن ما دمتِ "مؤمنة" فلا خوف من هذا. خفّف عني هذا بعض ما كنت أحس من الذنب، لكني كنت أحس دائمًا بشيء غريب حين أرى تمثالاً لعيسى عليه السلام أخذ شكل الصليب وعيناه تتجهان نحوي بالانكسار".
وقالت الداعية الإسلامية: "حين بدت سنوات الشباب واستغرقني البحث، قررت ترك الكنيسة التي تنتمي إليها عائلتي بحثًا عن المزيد مما كنت أجهل، فلم أكن أبدًا أحس بالراحة مع الصلوات والأناشيد التي كانت تصدح بها الكنيسة".
وتابعت: "كانت تماثيل مريم أم المسيح عليهما السلام والقديسين متضائلة أمام صنم كبير كانوا يعتقدون أنه عيسى عليه السلام مسمّرًا على صليب من خشب، وكم ثارت دهشتي وتساءلت كيف يكون هذا إلهًا؟! وكيف يأذن الله تعالى لهذا الرسول الرقيق أن يسمّر حيًّا وقد توجوه بإكليل من الشوك ليظل ينزف حتى الموت؟! وكم دارت رأسي من ذلك تحيرًا واضطرابًا".
وأشارت إلى أنه في غمار حيرتها واندهاشها، وَصَلَتها دعوة من إحدى الكنائس، وكان المبنى ضخمًا بحجم إستاد رياضي حتى إن رجال المرور كانوا ينظمون حركة السير عبر هذا المبنى لسلامة الركاب والمشاة السالكين طريقهم لهذا المبنى الضخم الذي هو الكنيسة.
وقالت: "دخلت هذا المبنى ورأيت فيه ما رأيت، رأيت تمايل الجماهير ورفع أذرعهم، وكان البعض منهم يسقط من مكانه، ومع صيحات "المهتدين" الجدد المعبرين عن تأثرهم بدموعهم تجمدت في مكاني في ذهول عاجزة عن رفع يدي لأصيح باسم الرب عيسى كما يفعل الآخرون، إحساس غريب انتابني بأنني لست من هؤلاء، وأدركت أن لا مكان لي وسط هؤلاء".
وأضافت: "بحبي العميق لله تعالى وهو الشيء الذي أمتلكه، أخذت أفتشّ عن المزيد.. عمّن يوجهني، كانت كل كنيسة ألجأ إليها طلبًا للهداية تضيف إليّ المزيد من الاغتراب والعواصف التي ابتكرها الإنسان، ظللت دائمًا مغمورة بالشعور بالتخبط كأنما أسير في طريق وعر وعاصف، بينما كان كل من حولي يؤكدون لي أنني ضعيفة الإيمان".
واختتمت جنيفر هواير بقولها: "إن الصلاة في الإسلام أشبه ما تكون بسلكٍ يصلنا بمصدر القوة الرئيس: الله سبحانه وتعالى، وحينما ينقطع ذلك السلك فإن النور يخبو وينطفئ ليحل محله الظلام، وهذا ما كنت أحتاج.. هذا الإحساس بالطبع بعد اتصال بالجامع الكبير في مدينة سياتل الأمريكية لأنطق بالشهادتين بمحضر عدد من الأخوات الطيبات... ومنذ ذلك اليوم أثق تمام الثقة بأن الله موجود، وأعلم أنه لو لم ينر لي الطريق لظللت تائهة في الطرق الوعرة بلا نهاية، فالحمد الله على نعمة الإسلام".
المصدر: كتاب
(عادوا إلى الفطرة).